إن أول خطوة على طريق حفظ القرآن بإتقان، هي أن تعتقد بأن هذا المشروع هو أهم مشروع في حياتك! وأن هذا المشروع لن يأخذ من وقتك شيئاً!!! لأن الله سيبارك لك في الوقت وسوف تجد بأن بقية أعمالك لن تتعطل، بل ستزدهر وتصبح أكثر تيسيراً من قبل.
إياك أن تظن بأن حفظ القرآن يحتاج لأي وقت، فمهما أمضيت من وقتك في قراءة القرآن وتدبره وحفظه، فلن ينقص الوقت لديك بل سيزداد. وسوف أضرب لك مثالاً لتقريب هذا الأمر. إذا كان لديك وقت تخصصه للدراسة من أجل النجاح في الامتحان، وأخذت منه شيئاً في حفظ القرآن، فما هي النتيجة؟ النتيجة الظاهرية: سوف تتأثر دراستك سلبياً لأن عدد الساعات المخصص أصبح أقل، ولذلك لا يمكن إنجاز الدروس بشكل كامل، أي أن الدراسة ستتعطل، وقد تؤثر على نتيجة الامتحان النهائي في المدرسة أو الجامعة. ولكن هل هذا حقيقي؟ بالطبع لا! لأن حفظ القرآن سيطور المدارك لديك ويوسع آفاق التفكير ويكسبك قدرة هائلة على الحفظ والفهم والاستيعاب أكثر بكثير من ذي قبل. وعندما تحفظ شيئاً من القرآن وتتقن هذا الحفظ سوف تلاحظ بأنك تستطيع حفظ دروسك خلال زمن أقل بكثير من الماضي، وهذا ما حدث معي تماماً فقراءة الصفحة من أي مقرر وفهمها كان يستغرق معك مثلاً نصف ساعة، ولكن بعد إتقانك للقرآن سوف تجد بأنك خلال نصف ساعة ستنجز ثلاث أو أربع صفحات وبكفاءة أعلى من السابق، أي أن أداءك الدراسي سيتحسن كثيراً بعد حفظ القرآن. سوف يتحسن أداؤك أثناء الامتحان أيضاً، لأن حفظ القرآن يمنحك الاستقرار النفسي والذهني، ويمنحك الثقة بأن الله تعالى هو من سيحدد نتيجة امتحانك وليس جهدك وعملك. وهذا الاستقرار وهذه الثقة وهذا الاستقرار أثناء الامتحان هو نصف النجاح هذه أول الخطوات في طريقك للإجابة عن السؤال :كيف أحفظ القرآن الكريم ؟ و سنواصل إن شاء الله لتقصي الخطوات الأخرى لاحقا.
0 Commentaires
دور الإمام القدوة
إن المساجد في حاجة إلى أئمة من هذا الصنف الذي يقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم، فيأمر بالمعروف وينهي عن المنكر بلطف، ولا يعنف أحداً، وبخاصة الصغار الذين ينفرون من التعنيف غاية النفور. وإن الصغير الذي يرى هذه المعاملة الحسنة في المسجد، لرجل أتى فيه بما تتقزز منه النفوس، ليتأثر بذلك هو وأترابه أيما تأثر. ومن المعاملة الحسنة التي يتأثر بها الناس من إمام المسجد، وبخاصة الصغار، هو أن يكون الإمام خفيف الروح طلق الوجه، يمازح الصغار والكبار في خارج المسجد، المزاح الحق المباح، ليجلب قلوبهم إليه فيحبونه. بخلاف الرجل العبوس الذي لا ترى أسنانه، إلا إذا كشر في وجوه الناس مخاصماً مغاضباً، فإن الناس لا يرغبون في مقابلته، لا في المسجد ولا في خارجه، ولقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في ذلك مع هيبته واحترامه، وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه خادمه الصغير، يروي عنه شيئاً من ممازحاته اللطيفة معه ومع غيره. فقد روى أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله احملنا على بعير، فقال صلى الله عليه وسلم: (أحملكم على ولد الناقة) قالت: وما نصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وهل تلد الإبل إلا النوق) [الترمذي(4/ 357) وقال: "هذا حديث حسن صحيح" وأبو داود (4/ 300) وهو في جامع الأصول (11/ 55)، قال المحشي: وإسناده صحيح]. وروى أنس أيضاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (يا ذا الأذنين، يمازحه) [سنن أبي داود (4/301) وسنن الترمذي (4/358) وقال: "وهذا الحديث حديث صحيح غريب"]. وروى أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ، يقال له أبو عمير - وهو فطيم - كان إذا جاءنا قال: (يا أبا عمير ما فعل النغير) لنغير كان يلعب به، وربما حضرت الصلاة، وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح، ثم يقوم ونقوم خلفه، فيصلي بنا " [البخاري(5/2291) ومسلم(3/1692) واللفظ للبخاري. والنغير طائر صغير]. الصغير عضو في مجتمع إذا كان المسجد عضواً في جسم المؤسسات التربوية الأخرى كالأسرة و المدرسة، ويراد منه أن يؤدي وظيفته، مراعى فيها تأثير المؤسسات الأخرى سلباً أو إيجاباً، فإن الصغير – أيضاً - عضو في مجتمع كبير، يؤثر فيه سلباً وإيجاباً، وقد يكون المسجد ذا أثر ملموس فيمن عنده استعداد لاستقبال تأثير المسجد الطيب، ولا توجد أسباب أخرى أو موانع تحول بينه وبين تأثير المسجد، أو توجد ولكن الصغير في محيط - غير محيط المسجد، كالأسرة والمدرسة - يعينه على التغلب عليها. أما إذا كان المجتمع يغلب فيه الفساد، فإن المسجد حتى ولو وجد فيه الإمام المزكي الكفء، والواعظ والخطيب المؤثر، والمدرس الماهر، فإن فساد المجتمع الغالب يحول بين أفراد المجتمع والتأثر بالمسجد. والأصل في الصغير أن يكون قابلاً للتربية الإسلامية والإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، ولكن هذا القبول قد يفقد عنده، إذا سبق أهلُ الفساد أهلَ الإصلاح في تعليمه وتربيته،حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: " مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ "، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّم) رواه مسلم :4/2047 فإذا أريد من المسجد أو غيره من المؤسسات، أن تربي الصغار على الصلاح والطاعة، فليتعاون المجتمع مع تلك المؤسسات، وإلا فلا تطلب من العاجز القيام بما يعجز عنه. صلة الصغير بالمسجد إن المسجد، وهو ذو المكانة العظيمة في الإسلام، لم يكن المقصود من بنائه المباهاة والزخرفة والتشييد، ونقش جدرانه بالكتابة بماء الذهب، وفرشه بالسجاد الغالي، وتزيين سقوفه بقناديل الضياء، وزخرفة أبوابه التي تفتح في أوقات الصلاة، ليؤدي فيه كبار السن ركعات الفريضة، فإذا رأوا صغيراً وقف في الصف أو جال في المسجد طردوه وأخافوه، وإذا أدوا صلاتهم أقفلوا الأبواب في وجوه قاصدي المسجد، لم يكن المسجد كذلك أما صلة الصغار بالمسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ثبتت في أحاديث صحيحة في مناسبات شتى، نذكر طرفاً منها، من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يؤم الناس في المسجد، كما روى أبو قتادة، رضي الله عنه، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها" [مسلم (1/385)]. إن تردد الصغير إلى المسجد وتنشئته على ذلك، تجعله يألفه ويرتبط به، وارتباطه بالمسجد ليكون من رواده مصلحة عظمى، لا يجوز التفريط فيها، بحجة مفسدة تلويث المسجد، أو التشويش على المصلين، والمصلحة العظمى تقدم على المفسدة التي هي أخف، لا سيما وقد قدمت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسائل حب الصغار للمسجد
إذا أراد المسلمون أن يتربى أبناؤهم في المسجد تربية صالحة، وأن يغرس في نفوسهم الإيمان الذي يقيهم الانحراف، وإذا أرادوا أن يعالجوا انحراف من انحرف منهم في المسجد، إذا أرادوا ذلك، فلا بد أن يوجدوا الوسائل الشرعية التي تحببهم في المسجد، وتجعلهم يرتادونه، وأصول تلك الوسائل المشروعة مدونة في كتب السنة وكتب التاريخ، فما على المسلمين إلا أن يبحثوا عنها ويطبقوها في المسجد، بما يناسب العصر الذي يعيشون فيه، وبالوسائل المباحة المشابهة لتلك الوسائل التي وجدت في عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم. الوسيلة الأولى: أن يرى الصغير إجابة المجتمع نداء المؤذن سريعة ومستمرة، بحيث يشاهد أباه وإخوانه الكبار، وأفراد أسرته، يستعدون للمسجد بالوضوء ولبس ثيابهم قبل الأذان، فإذا بدأ المؤذن في أذانه، انطلق هؤلاء فوراً الى المسجد، إن هذا المنظر عندما يتكرر على عين الصغير يؤثر فيه تأثيراً قوياً، حتى إنه إذا رأى والده أو أحد إخوانه الكبار يتأخر عن القيام إلى المسجد نبهه، بأن يقول له: أذن، فإذا أصبح قادراً على المشي تعلق بأبيه، ليخرج معه لرؤية ما يحدث في المسجد، وهكذا حتى يصبح ذلك عادة عنده من صغره، بخلاف ما إذا رأى بلادة في أفراد الأسرة، يسمعون صوت المؤذن فلا يتحركون، فإنه هو يألف صوت المؤذن ولا يتحرك له، وهكذا عندما يكون في المدرسة، أو الروضة أو السوق، أو أي مكان في المجتمع، كالمكاتب الحكومية، إذا رأى الناس يسارعون لإجابة النداء، تأثر بذلك المنظر، وإن رآهم لا يبالون، تأثر بعدم المبالاة. الوسيلة الثانية: أن يسمع الصغير من أبيه وأفراد أسرته، وبخاصة أمه، فضائل المساجد، والثناء على المصلين فيها، وما أعد الله لهم من الثواب وذم المتخلفين عن صلاة الجماعة، وأنهم عرضة للنفاق، فإنه إذا سمع ذلك، مع ما يرى من الإسراع إلى المسجد من أسرته وجيرانه ومجتمعه كله، يحب المسجد ويحب المترددين إليه، ويكره ما يشغل عن الصلاة، كما يكره المتخلفين عن الصلاة. الوسيلة الثالثة: أن يصطحبه كبار أسرته معهم إلى المسجد، كأبيه وأمه وإخوانه الكبار، حتى يألف المصلين، ولا يستوحش منهم ومن كثرتهم غير المعتادة في منزله، وإذا كان بعض أفراد الأسرة يحضر حلقات علمية في المسجد، أمكنه أن يحضره معه كذلك، لترتسم في ذهنه حلقات المسجد فيرغب في حضورها. الوسيلة الرابعة: أن يعامله أهله، وإمام المسجد، والمؤذن والعاملون في المسجد، والمصلون معاملة حسنة ويلاطفوه، ولا يغلظوا له القول، أو يصوبوا أنظارهم إليه، إذا أنكروا شيئاً من تصرفاته في المسجد، فإن ملاطفته والتبسم في وجهه واللين معه، يجعله يألف المصلين ويحب أن يتردد معهم إلى المسجد، بخلاف ما إذا عاملوه بعنف، فإنه يحب أن يلجأ إلى منزله الذي وجد فيه حرية أكثر، ولا يرغب في حضور المسجد الذي تطارده فيه النظرات، وتقذفه فيه الألسن. |
الأرشيف:
Auteur
معلم الأجيال ما يفيدهم راجيا منهم دعوة في ظهر الغيب |